عن الدليل الإجرائي : رحلة تأصيل الهوية في التعليم القطري 

يُمثّل  الدليل الإجرائي لمشروع دمج قيم الهوية الوطنية في مناهج التعليم بدولة قطر (2016-2022)  وثيقةً استراتيجيةً ومنهجيةً فارقة، تَختزل رحلةً وطنيةً طموحة لترسيخ الهوية القطرية الأصيلة في عقول وقلوب الأجيال الناشئة. فهو ليس مجرد دليل تقني، بل هو سجلٌ لتجربةٍ رائدةٍ شاملة، تجسّد التزام دولة قطر الراسخ ببناء نموذج تعليمي متين، يحمي الشخصية الوطنية من التحديات العالمية، ويبني إنساناً فخوراً بانتمائه، معتزاً بتراثه، ومساهماً بفعالية في مسيرة وطنه.

أولاً :  الرؤية والأهداف الاستراتيجية: من التطلعات إلى التطبيق 

انبثق هذا المشروع الوطني الكبير انطلاقاً من رؤيةٍ واضحةٍ تستند إلى:

  •  رؤية قطر الوطنية 2030: 

 كمحورٍ استراتيجي، وخاصةً ركيزة “التنمية البشرية” التي تهدف إلى بناء مجتمع متماسك يحافظ على هويته الإسلامية والعربية.

  • ضرورة تربوية ملحّة:

 لمواجهة مخاطر التلاشي الثقافي وضبابية الهوية في ظل عالم متشابك، من خلال تعزيز المناعة الفكرية والنفسية للطلاب.

  • شراكة وطنية فاعلة:

 حيث تم تنفيذ المشروع بِحُكْمَةٍ وبحثيةٍ بالتعاون مع خبراء من جامعة قطر ، وبِقُوّةٍ تنفيذيةٍ عبر وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي ، وبرعايةٍ ثقافيةٍ من  وزارة الثقافة ، مما يضمن توافق المخرجات مع السياسات الوطنية العليا.

و تمحورت أهدافها حول:

 1 تعزيز القيم الجوهرية: 

 ترسيخ قيم الهوية الوطنية  وجعلها سلوكاً حياً في حياة الطالب.

2 تطوير المحتوى التعليمي: 

 إعادة هيكلة محتوى مواد  اللغة العربية، والتربية الإسلامية، والدراسات الاجتماعية  في جميع مراحل التعليم (الابتدائي، والمتوسط، والثانوي) لتعكس هذه القيم بشكل منهجي وعملي.

3 بناء الشخصية المتوازنة: 

 تنمية شعور الطالب بالاعتزاز بهويته الإسلامية والوطنية، وتعزيز قيم الولاء والانتماء للوطن وقيادته الرشيدة.

 

ثانياً : المراحل المنهجية: منهجية علمية متكاملة من الفكرة إلى التطبيق

صمم الدليل ليكون خارطة طريق عملية، رحلة المشروع عبر أربع مراحل منهجية متسلسلة:

1. مرحلة التأصيل النظري وبناء الإطار الفكري:

حيث تم فيها وضع الأسس الفلسفية والعلمية للمشروع، من خلال تحديد المفهوم الشامل لقيم الهوية الوطنية، ودراسة المنطلقات الفكرية والتربوية التي تستند إليها، وذلك بمراجعة الأدبيات التربوية والنماذج العالمية.

2. مرحلة التشخيص والتحليل: وتمثلت في:

   بناء “مصفوفة قيم الهوية الوطنية”:

كأداة مقننة ومحكمة علمياً، تحدد القيم ومؤشراتها السلوكية بدقة قابلة للقياس.

 تحليل المحتوى الشامل للمناهج القائمة:

 لإجراء مسح كمي ونوعي لتحديد مدى توافر هذه القيم في المناهج الحالية، وتشخيص مواطن القوة والضعف والفراغات التي تحتاج إلى معالجة

3. مرحلة التطوير والدمج:

 وهي المرحلة التطبيقية التي تحولت فيها نتائج التحليل إلى واقع ملموس، من خلال:

 تطوير وحدات دراسية وأنشطة تعليمية وتدريبات عملية تدمج القيم بشكل طبيعي وعضوي في المقررات الدراسية المستهدفة.

   تأليف نصوص ودراسات حالة  تعكس البيئة والتراث القطري، لربط التعلم بحياة الطالب المباشرة وواقعه المجتمعي.

4. مرحلة تمكين الكوادر البشرية (بناء قدرات المعلمين):

 باعتبار المعلم حجر الزاوية في نجاح العملية، تم:

صياغة مخطط تدريبي متكامل: يهدف إلى تطوير كفايات المعلمين في فهم قيم الهوية الوطنية وآليات نقلها للطلاب واعتمادا على تجربة مركز الوجدان الحضاري في مشروعاته التدريبية بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم والتعليم العالى .

 تزويدهم بالأدوات العملية : لتمكينهم من تنفيذ المناهج المطورة بفعالية، وتحويل الفصل الدراسي إلى بيئة خصبة لتعزيز الهوية.

ثالثاً : القيمة المضافة والإرث المستدام 

يُعد هذا الدليل إرثاً تربوياً ثميناً ومرجعاً حيوياً لا غنى عنه لكل من:

  • صانعي السياسات التربوية ومطوري المناهج كمثال ناجح للتطوير المنهجي القائم على التشخيص الدقيق.
  • الباحثين والأكاديميين المهتمين بمجال التربية الوطنية والهوية الثقافية.
  • المعلمين والمشرفين التربويين  كدليل عملي يثري ممارساتهم الصفية.

وبذلك، فإن هذا الدليل لا يوثق مشروعاً انتهى، بل يؤسس لمسيرة مستدامة لتعزيز الهوية الوطنية، مما يجعله إنجازاً وطنياً يُحتذى به في مجال التخطيط التربوي الاستراتيجي.

 

*** للحصول على نسخة من الدليل التكرم بالضغط هنا