من أكبر الأسئلة في مجتمعاتنا هي كيف ننتقل بالقيم من فضاء الدعوة لها والتفاخر بوجودها إلى تحويلها لنظام متكامل في حياتنا الواقعية، نستشعر وجودها ونعيش معانيها، وحتى يتحقق هذا الأمر لا بد للمجتمعات أن تخوض رحلة القيم.

تبدأ هذه الرحلة بإدراك أهمية موضوع النظم القيمية، فالنظم هي رحلة تبدأ بتحديد القيمة، فلو أخذنا مثلا قيمة العدل، نكون قد وضعنا أيدينا على أول الطريق، ثم تأتي خطوة البحث في مدى أهمية القيمة،ما هي مظاهرها،ما هي أولوياتها .. هذه الخطوة المهمة تجعلنا نعي أهمية قيمة العدل في حياتنا كمجتمعات، وهذا لا يكون إلا ببحثها فلسفيا بعمق.

ثم تأتي خطوة تحويله لمبدأ عام ، يؤمن به الجميع، ويصبح شعارا مجتمعيا (لن نعيش إلا بالعدل) عندها تكون قد ترسخت القيمة، وتحولت من مجرد قيمة مجردة إلى مبدأ في حياة الناس.

ثم تلحقها خطوة تحويل قيمة العدل إلى إجراءات ، يستطيع المجتمع ممارستها في حياته العملية، فالعدل في المعاملات، والعدل في القوانين والتشريعات ، والعدل في الأحكام .. تصبح قيمة العدل منعكسة على كل ما له علاقة بحياتنا.

تأتي أخيرا خطوة حماية قيمة العدل من تجاوزات بعض البشر عليها، فبعد أن أصبح العدل قيمة مركزية في  المجتمع ، يصبح هو بذاته ومؤسساته جدار حماية وصد ضد كل من يتجرأ ويخترق قيمة العدل في سلوكه وممارساته.

عند هذه النقطة تكون المجتمعات قد وضعت نظاما للقيم، ينقلها من الفكرة إلى التطبيق.