ياسين حكان
كاتب وخبير في علم الاجتماع
تعد الأسرة مؤسسة اجتماعية بامتياز نظرا لما تقوم به من أدوار ووظائف متعددة ومختلفة من الإنجاب إلى تكوين أفراد مندمجين في المجتمع، ويعتبر تحدي إدارة ميزانية الأسرة من بين التحديات التي تعْصِف بالأزواج عند بداية مشروع الزواج وخصوصا وأنهم لا يمتلكون خبرة ولا معلومات كافية بخصوص طريقة إدارة البيت الجديد الذي يقومان بقيادته، حيث إن الأسرة هي وحدة إنتاجية تساهم في نماء وتطور المجتمع الذي تنتمي إليه.
هذه المقالة، تقدم مجموعة من الأفكار والتوجيهات العملية لإدارة ميزانية الأسرة بشكل فعال يسمح بتحقيق الأهداف المرسومة والسير على الخطة المتبعة؛ والتي تم وضعها بإشراك كل أفراد الأسرة- الصغير منهم والكبير- أي الآباء والأبناء عند صياغتها، ويجب أن تكون للأسرة خطة واضحة للصرف، قبل التطرق إلى التوجيهات العملية بخصوص إدارة ميزانية الأسرة، فلا بد من أن نؤكد على ضرورة تغيير هذا المعتقد السلبي الذي يتحكم في طريقة صرفنا للمال، وهو “اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب” وهو في الحقيقة معتقد خاطئ يؤثر بشكل سلبي على حياتنا ووضعنا الاقتصادي والاجتماعي، فمنطق هذا المعتقد يخبرنا أنه يجب أن نصرف كل ما نمتلك، وهو بلا شك منطق الفوضويين والفاشلين، ويؤدي حتما إلى الوقوع في أزمات مالية لا تحمد عقباها، لذا يجب أن يكون الصرف مجدولا حسب الحاجة مع مراعاة ظروف الأسرة وخصوصيتها. ومن بين النصائح العملية التي سنقدمها في هذا الصدد هي كالآتي:
أولا، يجب وضع ميزانية محددة للأسرة، بناء على دخلها، تتضمن كل ما يتعلق بمصروفات الأسرة من مشتريات وطعام وكساء وفواتير متوقعة وأقساط القروض، مع تخصيص قسم خاص بالطوارئ لمواجهة أزمات محتملة مستقبلا، بالإضافة إلى قسم آخر للادخار، مع ضرورة تخصيص قسم للصداقة، حيث إن الحبيب المصطفى -صلى الله عليه وسلم- قال: “ما نقص مال من صدقة”.
ثانيا، وجب إنشاء قائمة خاصة بمصروفات الأسرة محددة وواضحة مع تحيينها كل مرة وعدم على الاعتماد على التذكر الذهني أثناء القيام بعملية التسوق.
ثالثا، يُنصح بعدم الذهاب إلى الأسواق والمتاجر الغذائية وأنتم في حالة جوع، فسوف تشترون أكثر مما تحتاجون، ومن ثم هدر الكثير من المال في أشياء لستم في حاجة إليها، إذ في هذه الحالة سيتم اقتناء ما أنتم بحاجة له وما لستم بحاجة إليه، ويُفضل اقتناء قائمة المشتريات عند الذهاب إلى السوق.
رابعا، وجب التمييز بين الضروريات والحاجيات والكماليات في عملية الصرف، حيث إن الضروريات هي أشياء لابد منها ولا يمكن العيش بدونها، والحاجيات هي أشياء أقل أهمية مقارنة بالضروريات، أما بخصوص الكماليات فهي أشياء يمكن العيش بدونها، ومن الضروري معرفة أولويات الصرف، لأنها سر من أسرار النجاح المالي.
خامسا، على المرء أن يضع جزء خاص من ماله كاحتياط في حالة وقوع الأزمات المالية والطوارئ- لا قدر الله- وينصح الخبراء في مجال المال بأن يكون المبلغ المحتفظ به هو مجموع دخلك ما بين 6 أشهر وسنة، ففي حالة الاستقالة من الوظيفة أو تغييرها، وهنا يمكن للأسرة أن تعيش وضعا ماليا مستقرا بعيدا عن الأزمات الناتجة عن التوقف الاضطراري عن العمل أو حالات المرض المفاجئ التي قد تصيب الإنسان في أي لحظة، لذا وجب الاستعداد لها.
سادسا، لابد من القيام بعملية الإدخار، فلأصحاب الدخل العالي حاول أن تدخر ما بين 15 بالمائة و20 بالمائة من دخلك الشهري حتى تستطيع القيام بعملية مضاعفة الملكية كل خمس سنوات، وهي من أهم القواعد في الاستثمار المالي، أما بالنسبة لأصحاب الدخل المتوسط، فيفضل أن نسبة الإدخار بين 10 بالمائة و15 بالمائة من الدخل الشهري، أما فيما يتعلق بأصحاب الدخل المنخفض، فيُنصح بأن يكون نسبة الإدخار بين 5 – 10 بالمائة، كما يقترح في هذه الحالة، أن يتم البحث عن مصادر دخل إضافية سواء كان عملا مسائيا أو استثمارا أو تجارة يمارسها الفرد في أوقات الفراغ.