التعليم قاطرة التنمية ومهد تعلم القيم

عمران طالبي[1]

يسجل التاريخ أن المجتمعات البشرية على اختلافها، تبني الحضارة بالعلم والتدوين والقيم، ولاشك أن تقدم الدول إنما يأتي من تقدم برامجها التعليمية وما تخصصه من أموال هامة للإنفاق على البنية التحتية الضرورية الخاصة بالتعليم وشراء مختلف الكتب والأدوات التي تساعد على التقدم في ذلك، وتأسيس مراكز بحثية تهدف إلى النهوض بقطاع التعليم وما يرتبط به.

وتبرز المكانة الهامة التي يحظى بها التعليم، من خلال كونه يساهم في غرس القيم النبيلة وحفظ التراث البشري بشقيه المادي واللامادي، كما أنه يساعد في بناء الدولة الوطنية بمقوماتها الحضارية والمعرفية. لذلك فالقيمة الثمينة له لا يمكن مقارنتها بأي شيء، وهو مهد العلماء والمفكرين والمثقفين.

ومن جانب آخر، نرى أن التعليم يُكَوِّن الأجيال القادرة على حمل المسؤولية، والتربية على المصلحة العامة، وعلى التفاعل الايجابي مع التغيرات والتحولات العالمية، ومعرفة طرق التعامل معها. بالإضافة إلى أنّه يُمَكِّن من معرفة الآخرين والاطلاع على تاريخهم وثقافتهم، ومن ثم إرساء الحوار الثقافي والحضاري بين مختلف الثقافات العالمية.

ومن المعلوم أيضا، أن التعليم بالصيغة الايجابية له أهداف أخرى من قبيل، خلق مواطنين يفكرون ويبدعون في المجالات الفنية والعلمية. هذا إلى جانب ترسيخ قيم التضامن والعمل الإنساني وثقافة التطوع في الأعمال الخيرية.

ومن هذا المنطلق، يبدو لنا أن التعليم له أهمية كبرى، وهنا تتضح قيمة بناء الإنسان، ويأتي ذلك انطلاقا من تدريسه، من العلوم والمعارف التي يتلقاها التلاميذ في مختلف المدارس، مرورا إلى الجامعات التي يدرس فيها الطلاب والباحثون من مختلف المشارب والتخصصات. وشيء طبيعي أن يتأثر الإنسان ويؤثر بالحلقات العلمية البناءة التي تهدف إلى بناء مجتمع واعي بمسؤولياته.

وجدير بالذكر أن التعليم ينعكس بشكل أو بآخر على ازدهار الدول، لذلك فمكانة المعلم والأستاذ في العملية البنائية، ركيزة أساسية في بناء الدولة المعاصرة بأبعادها الاستراتيجية والتنموية، الهادفة إلى تحقيق مستويات من التقدم في العلوم الحقة والعلوم الاجتماعية والإنسانية. لذلك فرسالة معلمي ومدرسي الأجيال لها أهمية خاصة، وذات قيمة نبيلة ترسم معالم الانسانية.

ولطالما عبرت العديد من الجهات على أن محرك التنمية الذاتية والمجتمعية هو التعليم، فالفرد داخل مجتمعه، يساهم في الدفع بعجلة الازدهار نحو الأمام بمقدار مساهماته الايجابية و خلق مجتمع يتضامن معرفيا وتعليميا في بقاع جغرافية متعددة.

ومن الدول الرائدة في المجال التعليمي نجد سنغافورة، سويسرا، فنلندا..، أما على المستوى العربي، فدولة قطر تأتي في مقدمة الدول العربية التي تهتم بالمجال التعليمي بشكل كبير، وقد احتلت مراكز متقدمة على المستوى العالمي.

وتجدر الإشارة إلى أن التعليم، هو نقطة البداية التي يتعلم فيها الأفراد القيم الانسانية من رحمة وسلام وعدل وفعل الخير…، ويرتبط التعليم كذلك بسؤال المستقبل والعمل واستغلال الوقت إلى جانب تسخير الثروات الطبيعية والاستفادة منها وترشيدها  في إطار ما يسمى بالتنمية المستدامة.

ختاما، يمكن القول بأن التعليم الحلقة الواصلة بين الأجيال، وهو يحافظ على ذاكرة وتاريخ الشعوب، وفي وقتنا الراهن، تبدو الحاجة ملحة إلى التركيز على بناء الإنسان، قبل أي شيء آخر، وجعل التعليم المرتبة الأولى في السياسات العامة باعتباره مدرسة تبني الأمم، وتزيد أهميته حينما ينبني على القيم النبيلة من كرامة وحرية وعدالة وحقوف إنسان، وبفعله تتحقق التنمية التي تريدها المجتمعات الإنسانية.

[1]  باحث في التاريخ المعاصر والراهن والفلسفة الحديثة والمعاصرة ومهتم بالعلوم السياسية والعلاقات الدولية من المغرب.