تعد مهارات التخطيط الاستراتيجي الشخصي من بين المهارات الأساسية، التي ينبغي أن تكون بحوزة أي شخص يريد أن ينجح في الحياة، وأن تكون له بصمة في هذا العالم، وإذا أردنا أن نبسط هذا المنهج، فالتخطيط معناه: معرفة أين أنت الآن؟ أين تريد أن تصل؟ وكيف السبيل إلى تحقيق ذلك؟ سنقتصر في هذه المقالة، على معالجة سؤال:”أين أنت الآن؟”.

 في قصة “أليس في بلاد العجائب”، سألت أليس القط شيشاير:”هلا أخبرتني أي طريق ينبغي أن أسلك لأخرج من هنا؟”، فأجاب القط:”هذا يعتمد كثيرا على المكان الذي ترغبين في الذهاب إليه”، فقالت أليس:”لا يهمني كثيرا إلى أين…”، فأجاب:”إذن لا يهم أي طريق تسلكين”، فأضافت أليس:”حسنا، طالما أصل إلى مكان ما”، فأجابها القط: ” بالتأكيد ستصلين، لو أنك مشيت بما فيه الكفاية”، هذا الحوار الرمزي، يحمل معاني عديدة من بينها: “إذا لم تضع لنفسك هدفا في الحياة، فلن تصل إلى أي شيء، فحتى إن وصلت فوصولك لا يعد نجاحا”، بمعنى آخر: إذا أردت أن تصل إلى ما تريد، فإنه يجب أن “تنظر إليه، تتخيله، وتحلم به”، ثم تبذل قصارى جهدك لتبلغ ما تصبو إليه.

في بداية كل سنة، تراودنا أسئلة محيرة ويصعب الإجابة عنها من قبيل: ماذا أنجزت في هذه السنة؟ هل فعلا حققت ما أصبو إليه؟ وما هي الأهداف التي نجحت في تحقيقها؟ وما الأهداف التي فشلت في تحقيقها؟ وهل سأضعها في مخطط جديد لهذه السنة لتدارك الأمر؟ أم يجب أن أبحث عن أهداف جديدة توافق تطلعاتي وآمالي؟… كل هذه الأسئلة تزعجنا جميعا، ونفكر هل سنعيد نفس الكرة كما فعلنا السنة الماضية، أم أن هذه السنة ستكون فارقة في حياتي؟ إن هذه الأمور لابد من التفكير فيها، وإيلائها العناية الكافية، إذ يجب على المرء أن يفكر بجد في وضع خطة مناسبة لحياته، لأنه وللأسف الشديد، ثلة كبيرة من الناس لا تُفَكِّرُ في وضع خطة لحياتها، فما بالك بتنفيذها ومتابعة الأهداف تلو الأخرى لتحقيقها، لذا من الضروري بمكان إدراك أهمية التخطيط الشخصي، وأن له عوائد جد متميزة على صاحبه، فالتخطيط يساعد المرء على تحقيق أهدافه وبلوغ مَرَامِه، وهو عنصر أساسي من أجل العيش بجودة عالية واستثمار كل الجهود والطاقات التي يمتلك.

وفي مرحلة: “أين أنت الآن؟”، ينبغي أن تقوم بتشخيص شامل ودقيق لما أنت عليه الآن وتطرح أسئلة من قبيل: “لماذا أنا هنا؟ ما هي إمكاناتي وقدراتي؟ ما موقعي في خريطة الحياة؟ ماهي أهدافي في كل جوانب الحياة؟”

بعد الإجابة على هذه الأسئلة، ما عليك إلا أن تلتزم بهذه الخطوات الموالية:

-افتخر بإنجازاتك، سواء على المستوى المهني والشخصي والمالي والأسري.

-أحص الأخطاء التي ترتكبها في حق نفسك أو عائلتك أو أسرتك.

-حدد قيمك الشخصية وطور من منظورك للأشياء، لتعرف بالضبط عن أي شيء تبحث؟ ولماذا تبحث عنه؟

-أعط كل دور تلعبه في حياتك درجة، وركز على الدور ذي الدرجة المرتفعة، وحافظ عليه ثم قو نفسك في الدور ذي الدرجة المنخفضة.

-حدد أهدافك في كل جوانب الحياة، بحيث يجب أن يكون الهدف قابلا للقياس، محددا، وواقعيا، ويمكن تحقيقه.

-اُكتب ورقة تحتوي على أهدافك واصطحبهامعك، لتذكر نفسك دائما بأهدافك، حتى لا تضيع في أهداف أخرى.

-تأكد دائما أنك حققت أهدافك، بالرجوع كل مرة وحين، إلى ما كتبته في قائمة أهدافك ومتابعة ما أنجزته منها، وما لم تنجزه، ضعه في مخطط جديد.

ولا تنس في الأخير، إذا طبقت هذه الخطوات أنك ستحقق ما تريد بإذن الله، ويجب أن تلتزم بقدر كبير من المرونة تجاه الأهداف والخطط التي تضعها في حياتك، وتذكر أن حياتك بيَدِيك أنت، لا بيد غيرك.

ياسين حكان

كاتب وباحث في علم الاجتماع