مؤشرات النجاح

ياسين حكان *

يعتبر النجاح مطلب الصغار والكبار، وهو بلا شك ثمرة مجهود مبذول، وغنيمة عرق جبين، ورحلة مستمرة من العمل الجاد والإشتغال المستمر على الذات- الفردية منها والجماعية- بوضع أهداف محددة وواضحة المعالم، والعمل على تحقيقها من خلال خطة يضعها الفرد تغطي كل مجالات الحياة، وهذا الشيء ليس بالأمر السهل ولا الهين كما يعتقد البعض، بل يحتاج منا جميعا كأفراد وجماعات إلى الصبر والعزيمة وامتلاك إرادة فولاذية لمواجهة الصعوبات التي تعترض طريقنا، والعمل على تجاوزها بالإيمان بقدراتنا والعزم بتحقيق ما نصبو إليه.

هذه المقالة، تستعرض تعريفا بسيطا للنجاح حتى يتمكن الجميع من استيعابه وفهمه، وسنقوم بعرض أهم المؤشرات أو بالأحرى العلامات التي تميز الأشخاص الناجحين عن غيرهم، باعتبار أن النجاح هو محاولة إحداث عملية توازن في كل مجالات عجلة الحياة، بمعنى آخر، محاولة تحقيق أكبر قدرا ممكنا من الأهداف في كل جوانب الحياة، حيث إن الشخص الناجح هو الذي يتمكن من وضع الأهداف في كل جوانب حياته، ويعمل على إحداث توازن بين هذه الجوانب، فكثيراً ما تجد أشخاص ناجحون في حياتهم المهنية وللأسف الشديد فاشلين في حياتهم الشخصية، وهذا مردُّهُ إلى أن كثيرا من الناس لا يهتم بالشكل الذي يجعله سعيد ومحققي لذاته في كل جوانب الحياة، ومن بين المؤشرات التي تدل على نجاح الفرد وتميزه داخل مجتمعه، هي الآتي:

1- سكينة القلب

من بين العلامات الفارقة بين الأشخاص الناجحين والفاشلين، هو أن الشخص الناجح تجده في أغلب حالاته، هادئ البال، تملؤه سكينة عجيبة، يحدوه الأمل من كل جانب، غير آبه لمنغصات العيش، وكما قال ابن القيم في مدارج السالكين (2/503): “إن السكينة هي الطمأنينة والوقار والسكون، الذي ينزله الله في قلب عبده عند اضطرابه من شدة المخاوف، فلا ينزعج بعد ذلك لما يرد عليه، ويوجب له زيادة الإيمان وقوة اليقين والثبات”، وهي عدم الشعور بالخوف أو الذنب، وبتعبير أكثر دقة ووضوح: هي نور في القلب يسكن إلى شاهده وَيُطَمْئِنهُ، وهذا ما عرف به الجرجاني السكينة.

2- تحقيق مستوى عال من الطاقة

في خضم تجارب الحياة المتعبة، يفقد الناس القدرة على مواصلة مشوار السعي نحو تحقيق الأهداف، أو بالأحرى يقفون في نصف الطريق أو ربعه، وهذا بلا شك ناتج عن عدم امتلاك ما يكفي من الزاد المطلوب لإنجاز المهمة بنجاح، لهذا فالناجحون يتحمسون إلى تحقيق أهدافهم وأحلامهم، ولا يستسلمون مهما كانت التحديات التي تواجههم، لذا فهم في حالة استعداد دائم، ويستثمرون طاقاتهم ومواهبهم للحصول على ما يريدون.

3- بناء علاقات قوية وفعالة

لا شك في أن   امتلاك علاقات قوية يعد مفتاحا من مفاتيح النجاح، باعتبار أن العلاقات القوية هي صمام الأمان لدى الناجحين، لسبب بسيط، أن العلاقات القوية لها عوائد إيجابية، أولها أنها تقدم لنا معارف كنا جاهلين بها، ثانيها أنها تعطينا خبرات متنوعة قوية، وثالث شيء تقدم لنا العلاقات القوية، هو أنها تفتح لنا الأبواب الموصدة في وجوهنا، ويساعدنا الآخرون على اتساع الأفق.

4- عدم الاحتياج المالي

إن ما يميز الناجحين عن غيرهم، هو استقرارهم ماليا، يضمن لهم الاستقلالية، ويغنيهم عن طلب المساعدة من غيرهم، وهذا من أقوى العلامات التي تحددا نجاح الفرد، باعتبار أن المال مورد مهم وأساسي ولا بد منه، حيث إن للمال قيمة في حد ذاته، وله أيضا قيمة استعمالية، والاحتياج المالي يختلف من شخص لآخر، فبعض الناس يكتفي بدخل بسيط، ولا يشعر أنه يحتاج أكثر، وآخر يكسب عشرة أضعاف الأول، ولكنه يشعر أنه في حاجة دائمة إلى المزيد.

5- وجود أهداف ذات قيمة

لا يختلف اثنان على أن الشخص الناجح هو شخص يمتلك غايات ذات قيمة عالية، باعتبار أن الأهداف هي وقود البشر، فهي تحرك الإنسان وتوقظه من الكسل والعجز ليعمل بجد واجتهاد، إذ لابد للمرء أن يمتلك أهدافا طموحة في كل مناحي الحياة.

6- الشعور بتحقيق الذات

وضع “ماسلو” تحقيق الذات في قمة هرم الاحتياجات الإنسانية، لأن الإنسان هو في حاجة للتعبير عن ذاته بصورة مباشرة وغير مباشرة، من خلال إمكاناته وقدراته، بقصد إشباع رغباته وتحقيق حاجاته في سبيل تحقيق أحلامه وطموحاته، إذن فالشخص الناجح يشعر بأنه حقق ذاته من خلال الإنجازات التي حققها والتجارب التي اكتسبها والخبرات التي راكمها.

 

 * خبير في علم الاجتماع